جرى اجتماع في
القاهرة بين اللورد كتشنر والأمير عبدالله بن الحسين الذي كان في زيارة للخديوي
هناك، وأوضح اللورد كتشنر بأن حكومة صاحب الجلالة البريطانية مستعدة لتقديم أي عون
ومساعدة للشريف الحسين في أي حركة عربية بقيادته يُقصد بها الاستقلال وتكوين
الدولة العربية، فنقل الأمير عبدالله هذه الأفكار إلى والده، وجاءت متزامنة مع
اتصالات الأمير فيصل بن الحسين مع الأحرار العرب في دمشق وبيروت الذين اجتمعوا في
مؤتمر عرف باسم "مؤتمر دمشق" في عام 1915م الذي وضع ميثاق دمشق الشهير،
الذي رسم حدود الدولة العربية، وأقر التوجه للشريف الحسين لتزعم الثورة وإعلان
النهضة العربية بسبب مكانته التاريخية والدينية، وخدمته للأماكن المقدسة، ونسبه
الشريف المتحدر من الرسول صلى الله عليه وسلم. نقل الأمير فيصل
بن الحسين مقررات مؤتمر دمشق إلى والده، فأقرها، وبدأ على أساسها مراسلاته مع
السير مكماهون المعتمد السامي البريطاني في القاهرة. وبلغت الرسائل عشر
رسائل، خمس في كل اتجاه، أكدت على نقاط ثلاث وهي: .1الاستقلال التام للدولة العربية في الحدود
المرسومة حسب ما جاء في المراسلات، وميثاق دمشق 1915م. .2عدم استثناء أي أرض عربية من الحدود المرسومة
باستثناء "عدن" المستعمرة البريطانية منذ عام 1939 والتي ستكون موضوع
مفاوضات مستقبلية. .3التعاون العسكري الكامل وتقديم الأسلحة والمعونات
للجيش العربي حتى يتمكن من أداء مهماته وواجباته. أخذ العرب يتهيأون ليوم الثورة العربية الكبرى
بالاستعداد في تنظيم الجيش، والاتصال مع العشائر والمواطنين أينما كانوا، حتى كان
يوم 6 أيار 1916م حين اقدمت السلطات التركية على إعدام مجموعتين من الأحرار العرب
في كل من ساحة المرجة في دمشق وساحة الشهداء في بيروت، فهزت هذه الحادثة مشاعر
العرب، وكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وكانت حافزاً للشريف الحسين بن
علي ليبدأ العمل فوراً بإعلان الثورة على الأتراك، واستقبل الأمير فيصل خبر
الإعدامات في دمشق، فصاح صيحته المشهورة (طاب الموت يا عرب) وأرسل إلى والده رسالة
قصيرة قال فيها "أرسلوا الفرس الشقراء"، وكان هذا مصطلحاً سرياً يُعني
بدء إعلان الثورة العربية الكبرى .