خلف كل شهيد قصة بطولة وشجاعة يخلدها التاريخ وتبقى تفاصيلها عالقة في مخزون الذاكرة الوطنية لا تغيب شمسها، يقرأها الأبناء والآباء والأجداد جيلاً وراء جيل، هكذا عودنا شهداء قواتنا المسلحة الأردنية وأجهزتنا الأمنية بقصص شهاداتهم جميعنا نتألم ونحزن عندما نسمع نبأ استشهاد أحد منتسبيها، فهم حماة الديار والوطن الساهرين على أمننا، المرابطين على الثغور، لكن وبموازاة ذلك نشعر باعتزاز كبير يخفف الآلام والمصاب حينما تتكشف تفاصيل حوادث "شرف البطولة" و"التضحية والفداء"، ونعلم جيداً كم لهذه المواقف المشرفة من معاني ودلالات تؤكد حجم التفاني في العمل والإخلاص لمرتبات قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية وتمسكهم بمبادئ شرف الجندية في مختلف واجباتهم المقدسة بمختلف الميادين، تتكشف فيها مستوى المهارات والكفاءات والروح المعنوية العالية التي يتمتعون بها مهما كانت الصعاب والظروف والمحن الشهيد الطيار الرائد علي الحراسيس - رحمه الله - ارتقت روحه الطاهرة إلى جوار ربها تاركة تفاصيل مدعاة للفخر والاعتزاز تضاف إلى صفحات كتاب "شهداء الوطن الأبرار"، وبالرغم من صعوبة الموقف المتمثل بتعرض طائرته العسكرية لعطل مفاجئ فوق منطقة مأهولة بالسكان وما يرافق ذلك من توتر وقلق يؤدي إلى صعوبة في التركيز والتعامل مع فرضيات محفوفة بالمخاطر، إلا أن شجاعته وخبرته العالية تسيدت المشهد بإصرار وعزيمة أفضت إلى الحفاظ على سلامة أرواح المدنيين وممتلكاتهم وإصراره على هبوط مروحيته برفقة زميله الطيار القصاص في مكان أمن. وكأن رسالته الأخيرة كانت لنا هي: "روحي ولا أرواحكم".. رحم الله الشهيد البطل الحراسيس رحمة واسعة، وأسكنه الله الفرودس الأعلى من الجنة، وأمنيات الشفاء لزميله المصاب الطيار القصاص. حفظ الله الأردن وطناً ومليكاً وشعباً. الكاتب: زيد معين المراشدة