هو حزيران موسم الشهادة والشهداء الذين صعدوا من فلسطين ذات مساء نحو السماء، من قال إن للموت موعداً يعرف، سوى العسكر الذين خبروه بين البنادق والرصاص، ولم يتراجعوا ساعة اللقاء، فطوبى لهم جنات عرضها السماوات والأرض يا علي الحراسيس، كنت صباح أمس، وأنت تقود طائرتك قرب الغيّم، وتعبر التلال والسهول، كنت تعرف أن للموت موعدا، وأن هناك عهد أقسمته يوم علّقت جناح الطيران على صدرك قرب القلب، بأن هناك عهد بين العسكر والتراب، حتى لو كنت في عنان السماء يا علي، كنت تقود عنان طائرتك، كفارس يروّض مُهرة جموح، لم تخذلك الشجاعة، ولكن الحديد يخذل، فأبيتَ أن تتركها على رسنها، وأخذتها رغم عنادها ومساعدك عبدالله القصاص يشدّ من أزرك، وأنت تعبر جبال السلط نحو عمان، وسهول البقعة تترآى من بعيد، السهول التي عبرتها قوافل الجيش العربي ذات حزيران نحو نهر الشريعة والقدس إن كان الموت قادماً فأهلاً به، ومتى كان العسكر يخافون الموت، ضربت مثالاً في الشجاعة، وأبعدت طائرتك الجريحة عن مساكن أهلك وعن مزارعهم، وألقمتها التراب، موقف عزة وشجاعة وشهامة، كنت كالصقر الذي يهوي من السماء، يفرد جناحيه ويحمي صغاره، ويتلقى السهام درعاً لأهله، وتلك والله من شيم أهلك الأردنيين الذين ما بخلوا في الفروسية والبطولة يومًا ستعود اليوم يا علي إلى الطفيلة، وتسلّم على جبل الجوفة وحي الطفايلة، ستعود محمولاً على أكتاف رفاق السلاح، وكتفك الذي يحمل التاج زاهياً فوق كل النجوم، هو اليوم كتف يجاور السماء فخراً وتيهاً، بأنك بررت بقسم الجندية، فإما نصر "يسرّ الصديق" وإما شهادة "تغيض العدا سلام عليك يا علي، يا أجمل الفتيان، سلام لقلب أمك ودمع زوجتك، سلام لوجوه أطفالك وهم يلوحون لكل طائرة تمر في السماء كل صباح، سلام على الشهداء مصابيح الدجى وسنابل الخير، الذين يروون بلادنا كلما شحّ المطر، ويرسمون فوق الغيم وعلى رؤوس الشجر أن بلادنا بخير ما دام العسكر والشهداء عنوان التضحية والفداء والكبرياء بقلم الكاتب: محمد عبد الكريم الزيود التاريخ: 20/6/2023